Sunday, July 7, 2013

حكايات شعبية من التراث الحمصي

حكايات شعبية من التراث الحمصي


حكايات قصيرة ممتعة فيها حكمة و فائدة، إحكوها لأطفالكم في السهرات و أثناء النزهات، لتطلقوا لخيالهم العنان قصوها لهم و لا تنسوا إضافة تأثيراتكم بأصواتكم و حركاتكم لتزيد المتعة وتعلو الضحكة وتكبر الدهشة.

 

الأطـفال الخمسـة والذئب

الراوي: عبد الرحيم العمر
كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان امرأة ولديها خمسة أطفال، يسكنون في غرفة صغيرة على أطراف القرية ولها باب خشبي صغير، كانت أمهم تعمل وتقدم لهم الطعام، وفي كل مرّة كانت عندما تخرج من البيت تحذرهم من أن يفتحوا الباب لغريب مهما كان السبب، وأن ينتظروا حتى يسمعوا صوتها ويتأكدوا منها فيفتحوا لها الباب.
في أحد الأيام خرجت في الصباح للعمل، طلبت منهم أن يغلقوا الباب ( البجّار الخشبي )، وأن لا يفتحوا لأحد وذهبت لعملها مطمئنة. بعد ساعة من الزمن جاء ذئب متوحش ضخم، طرق الباب وقال:
ـ افتحوا يا أولاد الباب أنا أمكم.
انتبه الأطفال إلى صوت الذئب الخشن، فقالوا له:
ـ أنت لست أمنا لأن صوت أمنا ناعم وأنت صوتك خشن .
اغتاظ الذئب وذهب فغاب ساعة من الزمن، وأكل كمية من السكر البلوري ليصبح صوته ناعماً ثم عاد إلى البيت، وطرق الباب وطلب بصوت ناعم من الأولاد أن يفتحوا الباب. سمع الأولاد صوتاً مشابهاً لصوت أمهم لكنهم أرادوا التأكد من ذلك، فنظروا من ثقب الباب فرأوا ذيل الذئب الطويل يلوح خلفه، فقالوا له: أنت لست أمنا، أنت لك ذيل وأمنا ليس لها ذيل.
غضب الذئب كثيراً من نباهة الأولاد، وذهب إلى جحره ولفّ ذيله تحت ثيابه، وأكل بعض السكر وعاد إلى بيت الأولاد وطرق الباب، سمع الأطفال صوته ونظروا من ثقب الباب، فلم يروا الذيل ولكن شاهدوا قدمي الذئب ومخالبه فعرفوه، فقالوا له:
ـ إن قدمي أمنا بيضاوان وأنت قدماك سوداوان.
اغتاظ الذئب وكاد ينفجر قهراً من هؤلاء الشياطين، الذين لم يستطع حتى الآن أن يخدعهم، وذهب مسرعاً إلى الطاحون ومسح رجليه بالطحين فأصبح لونهما أبيض، وأكل بعض السكر البلوري وعاد فطلب من الأطفال بصوت ناعم فتح الباب، فنظر الأطفال فلم يروا ذيل الذئب، ورأوا  لون قدميه بيضاوين كالثلج، وكان صوته ناعماً، فانخدعوا فيه وفتحوا له الباب، فهجم عليهم والتهمهم واحداً واحداً ماعدا الصغيرين فقد اختبأا تحت القفة، فلم يرهما الذئب.
عادت الأم فلم تجد أطفالها فأخذت تصرخ عليهم، وتناديهم، فخرج عليها الصغيران من تحت القفّة، وقصّوا عليها ما حدث، غضبت كثيراً وخرجت تبحث عن الذئب، وأخذت معها سكيناً وإبرة وبكرة خيطان، وبعد جهد كبير وجدته أخيراً في مغارة قرب البئر، وهو مستغرق في نومه فهجمت عليه وشقّت بطنه بالسكين، وأخرجت أطفالها، ثم وضعت بدلاً منهم بعض الأحجار، وخاطت له بطنه من جديد، وتركته وعادت بالأطفال إلى البيت، استيقظ الذئب بعد قليل وهو يشعر بالعطش الشديد، فخرج يجرّ نفسه بصعوبة نحو البئر بسبب ثقل الحجار في بطنه، وعندما وصل حافة البئر وأراد أن يتدلى فيه ليشرب منه سقط في الماء وأغرقته الأحجار ومات وارتاح الأطفال من شرّه .
 
 
أبو قـرن وقـرنين

الراوية:  نزهة الصوفي
كان في أيام زمان رجل وزوجته، وعندهما بنت وحيدة وهم في عيشة مبسوطة. في يوم من الأيام جاءت أختها وطلبت منها البنت لتنام عندها هذه الليلة حتى تؤنسها لأن زوجها مسافر، فوافقت الأم وأوصتها بها خيراً، ذهبت معها الفتاة إلى البيت في الطرف الآخر من الغابة، وسهرا تلك الليلة حتى منتصف الليل ثم نامتا .
لكن الزوج عاد فجأة قبل الصباح، فانزعج من وجود الفتاة في البيت، وطلب منها أن تعود إلى بيت أهلها، فأخذت الفتاة تبكي ورجته أن يتركها عندهم حتى الصباح، فرفض ذلك بحجة أنه لا يوجد عندهم مكان يتّسع لتنام فيه. وأخرجها من البيت وأغلق الباب وراءها، فخافت البنت كثيراً في هذا الليل وصارت تبكي ثم سارت في الغابة باتجاه بيت أهلها، فضاعت فلقيها في الطريق أبو قرن وقرنين، وكان يفتش طوال الليل عن فريسة يأكلها دون فائدة، حتى وجد الفتاة وحيدة في الغابة وأراد أن يأكلها
قالت له الفتاة: أنا بنت صغيرة ولا أشبعك، ولكن إذا أوصلتني إلى البيت، أعطيك قفةً من التمر وقفة من الزبيب، فتأكل منه حتى تشبع، ويصبح عندك مونة من الطعام، فوافق وأوصلها إلى البيت وطرق الباب وهو يقول: ( البنت اللي عند خالتها، ضاعت بالغابة يا حنينتها، رجعها أبو قرن وقرنين،
 ويريد قفة تمر ورغيفين ) فلم يسمعه أحد فأعاد عدّة مرات حتى يئس من فتح الباب، فأكلها وعلّق ثيابها على الباب ومضى في حال سبيله .
في الصباح خرج والداها فشاهدا ثياب ابنتهما، فعرفا أن أبا قرن وقرنين أكلها، فحزنا عليها ولام الرجل زوجته لأنها سمحت لها بالذهاب مع خالتها، وغضبت الأم وقررت الانتقام لابنتها فتربّصت الفرصة المناسبة.
بعد شهور عاد ابن أختها من السفر، فجاء لزيارة خالته وسلّم عليها، فاستقبلته ورحبت به ثم تركته نائماً فذبحته وقطّعت لحمه وطبخته، ودعت أختها وزوج أختها على الغداء وقدمت لهم لحم الولد، فأكلا منه حتى شبعا، وبعد أن انتهيا من الطعام وجلسا يتسامران، قامت أختها وأتتها بملابس ولدها وعظامه، وقالت لها: هذا ابنك أكلته أنت وزوجك، مثل ما أكل أبو قرن وقرنين ابنتي والآن أصبحنا خالصين وعاش الطرفان في حزن وغم طول الحياة
 
 
الطـير الأخضـر

الراوي فرحان العموري
كان في قديم الزمان رجل عنده ولد وبنت، وعندهم بقرة صغيرة صفراء اللون كان الولدان يرعيانها ويحبانها وتحبهما وهما متعلقان بها كثيراً، ماتت زوجة الرجل  فتزوج امرأة أخرى لكنها بدت شريرة لا تحب الأولاد، وتكره الولد والبقرة خاصة، فأخذت تكيد لهما وتفكر في طريقة للتتخلّص منهما ومن البقرة.
في يوم من الأيام جعلت نفسها مريضة، وأرسلت بطلب أحد الأطباء من أصحابها ليعالجها، فطلبت منه أن يوصف لها لحم البقرة الصفرا، وأنها لا تشفى حتى تأكل من لحمها، وتدهن جسمها بدمها. وكان ذلك فبعد أن فحصها الطبيب وصف لها أمام الجميع لحم البقرة والدهون بدمها، وبين لهم أنه لا دواء لها غيره، ورغم معارضة الأولاد وحزنهم الشديد على البقرة وافقوا مضطرين عليه، فذبح الرجل البقرة وأكلت المرأة من لحمها ودهنت من دمها، وبعد قليل ادّعت أنّها شفيت من المرض، وقامت مثل الغزالة ففرح الأب بشفائها.
بقي همها الوحيد الولد (حطّت نقرها من نقره وبدها يا هو يا هي بالبيت ). لكن الأب تمسك بولده الوحيد، ولم يضحّ به من أجل زوجته، فذهبت المرأة إلى عند ساحرة شريرة، فصنعت لها سحراً وكتبت للأب والولد، فصار الرجل يكره ابنه ولم يعد يطيق رؤيته.
وفي يوم عملت نفسها مريضة أيضاً وأخذت تتدلل على رجلها، وتتغنّج عليه ومنعته أن يقرب منها، فصار يراضيها ويسألها عن طلباتها وينفذها لها لترضى عليه، وعندما تمكنت منه طلبت منه أن يذبح ابنه ويطعمها من لحمه، فقام الرجل وذبح ولده فطبخته وأكلت من لحمة، وتركت عظامه ورمتها في الحديقة. رأتها أخته فصارت تبكي، ولمّت عظامه وهي حزينة عليه، وضعتهم بكيس وحفرت حفرة في الحديقة ودفنتهم، وأصبحت كل يوم تسقي العظام وتبكي على أخيها.
مضت سبعة أيام على هذا الحال، وإذ خرج من الحفرة طير أخضر صغير، أحلى من كل الطيور، دار بالحديقة من شجرة لشجرة، وصار يزقزق ويناغي بألحان حزينة، وحط أخيراً على شباك غرفة أخته وصار يغني:                                                                      
" أنا الطير الأخضر بشد العسكر، أبوي دابحاني وخالتي إكّالة لحامي، أختي الحنونة لملمت عظامي وحطتهم بكيس خامي، بعد سبعة أيام صرت طير أطير بالبلداني..."
سمعته أخته وعرفت أنه أخوها فقربت منه ، وصارت تلمّس ريشاته، ودموعها تنزل غزيرة من عيونها مثل المطر من حزنها عليه، طار بعيد عنها ورجع ومعه قلادة من ذهب ورماها على أخته، أخذتها ولبستها وصارت مثل العروس فيها. رأت خالتها بعينيها ما حدث للبنت، فانزعجت وحسدتها وطمعت بقلادة مثلها ...
في اليوم التالي وقف الطير على الشباك وصار يغني أغنيته، أتت خالته وصارت تلمّس ريشاته، فطار بعيداً ورجع ومعه إبرة مسمومة، ورماها عليها فجاءت برقبتها وماتت لوقتها، وبقي الطير كل يوم يقف على الشباك ويغني أغنية لأخته، ويرمي إليها الهدايا من الحلي والجواهر، وهي فرحانة ومبسوطة به.

 

لحـكمة يريدها الله

الراوي : خضير القاسم
كان في قديم الزمان ملك وعنده مستشار حكيم يشاوره في كل الأمور، ويستفهمه عن كل ما يحدث معه، وكان في كل مرة يسأله عن مسألة غريبة وصعبة يرد عليه المستشار بقوله: " هذه لحكمة يريدها الله " .
في أحد الأيام كان الملك يمشي في بستانه يشمّ الهواء، ويتمتع بالمناظر الجميلة ويروّح عن نفسه دخل أحد الأغصان اليابسة في عينه فانقلعت، تألّم الملك وحزن كثيراً ثم طلب المستشار وسأله عن سبب حدوث ذلك معه، فأجابه الحكيم: حدث هذا لحكمة يريدها الله.
غضب الملك من ردّه وأمر وزيره أن يأخذه ويقتله ويريحه منه ومن حكمته، فأخذه الوزير ولكن حنّ قلبه عليه وخبأه في بيته، وقال للملك بأنه قتله.
بعد مدّة من الزمن كان الملك يتنزّه على الشاطئ ويفكر في أحوال الدنيا، فجاء قوم متوحشون فنزلوا على الشاطئ، وكانوا يفتشون عن شخص يقدمونه قرباناً لآلهتهم، فوجدوا الملك وحيداً على الشاطئ فقبضوا عليه وقادوه إلى جزيرتهم، وهناك عرضوه على الكاهن، فلمّا رآه غضب منهم وعنّفهم ورفض أن يقدّم قرباناً للآلهة رجلاً أعور العين فأمرهم أن يعيدوه، ويأتوه بشخص سليم يصلح قرباناً.
عاد الملك إلى بلاده ونجا من الموت وعرف وتيقّن أن الحكيم كان على حق، وأن قلع عينه كانت لحكمة يريدها الله ولولا قلع عينه لما نجى من الموت، فتأسف على قتل الحكيم وندم على فعلته،وتمنى لو أن الحكيم حياً، عندما سمع الوزير رأيه أخبره بما حصل وأنه لم يقتله وأحضره بين يدي الملك، فرح الملك كثيراً ورحب بالحكيم وأجلسه بجانبه، وعاد ينتفع من حكمته.
 

الوصـية

الراوي : خضير القاسم
كان رجل وله ثلاثة أولاد وزوجته متوفاة، وكان يملك دوراً وأراضٍ وأملاكاً, فتنازل عن أملاكه لأولاده قبل موته، ولم يترك لنفسه سوى الدار القديمة المهدمة التي لا تساوي شيئاً، كان الأولاد في البداية يرعون والدهم المسن المريض ويؤمنون له طلباته وحاجاته ولا يتركونه لحظة واحدة.
بعد سنوات تزوج الأول وأخذ زوجته وغادر البيت ولم يعد يزور والده إلاّ في المناسبات القليلة، وبعد فترة تزوج الثاني وسكن مع زوجته في دار مستقلة، ولم يعد يزور والده سوى كل عدة شهور مرة.
 بعد فترة من الزمن تزوج الثالث واستقل في بيته الجديد مع زوجته ولم يعد يزور والده أيضاً.
 بدأ الرجل المسن يشعر بالوحدة والحزن ومرارة إهمال أولاده له، وأحسّ بالندم وأنه ارتكب خطأً كبيراً عندما تنازل عن أملاكه لأولاده ليتمتعوا بها فنسوه وأهملوه. فأصبحت الأيام تمر عليه صعبة قاسية لا يزوره أحد ولا يهتم به، ولم يعد يجد لقمة طعام يأكلها .
في أحد الأيام تذكره أحد أصدقاءه القدامى، فزاره في بيته القديم فوجده في حالة يرثى لها، أثار شفقته وحزنه عليه بعد العز الذي كان يعيشه فأحضر له بعض الطعام أكله وحمد الله، وبدأ يشكو لصديقه إهمال أولاده له، وانقطاعهم عن زيارته وانشغالهم بزوجاتهم وأولادهم  وبكى بكاءً مراً  .
فكّر الصديق قليلا ثم أشار على الرجل بأمر لعلّه يصلح أحواله، ويعيد إليه اهتمام أولاده وزوجاتهم به، فأعجبته الفكرة وقام بتنفيذها، وبعد عدة أيام مرت زوجة ابنه الكبير إلى بيت عمها، وعندما دخلت رأته يخبئ صندوقاً خشبياً عتيقاً كان بين يديه عند دخولها، فأثار انتباهها فسألت عمها عن الصندوق، فتهرّب من الجواب وأصرت عليه، فتظاهر بأنه خضع لإلحاحها وطلبها فقال لها: هذا الصندوق يضم الأموال والجواهر التي بقيت عندي، ولا أعرف ماذا أفعل بها وأنا أتفقدها كل يوم وقد خصّصتها للولد الذي يهتم بي ولزوجته التي ترعاني، ولم أكن أحب أن أخبرك أنت أو أخبر أحداً بهذا السر، وأترك الأمور لطبيعتها إلى أن أكتشف من هو الأفضل من أولادي، والأكثر رعاية لي لأعطيه الصندوق، والآن بعد أن عرفت السر فأرجو ألا تقولي لأحد، واتركي الأمر سراً بيني وبينك.
فرحت زوجة الابن الكبير وطار عقلها لأن عمها خصّها بهذا السر، وصمّمت على أن تحصل على الصندوق دون الآخرين، فقامت ونظفت البيت وغسلت له ثيابه، وأحضرت له الطعام فأكل وشرب وحمد الله. ولما عادت إلى بيت زوجها أخبرته بالموضوع، فشجّعها على عملها وحثّها على المتابعة حتى يوصي لهما بالمال.
وفي اليوم التالي حضرت كنته الثانية، وعمل معها ما فعل بالكنّة الأولى، وفعلت هي كما فعلت الأولى. وعادت إلى زوجها فأخبرته بالموضوع ففرح، وحثّها على متابعة رعايتها لوالده وأن تترك الأمر سراً حتى يحصلا على المال.
وفي اليوم التالي جاءت الكنّة الثالثة، وحصل معها ما حصل مع الأخريات، وأخبرت زوجها فشجّعها على الاهتمام بوالده للحصول على المال، و كل منهم يوصي زوجته ألا تخبر أخوته الباقين.
هكذا عاد الأولاد وزوجاتهم يهتمون بالرجل المسن، ويرعونه أشد الرعاية، ويجلبون له أحسن الملابس وأطيب الطعام، ويتنافسون على خدمته ورعايته، وعاش آخر سنوات حياته في أحسن حال ونجحت نصيحة صديقه في إعادة أولاده وزوجاتهم إليه طمعاً بالمال.
عندما توفي الرجل ودفن الأولاد والدهم في قبره، عادوا مسرعين مع زوجاتهم كل منهم يريد أن يستولي على صندوق المال. في البيت بدأوا يتجادلون ويتعاركون على الصندوق وكل منهم يقول إنه من حقه.
حضر صديق والدهم وأراد فض النزاع بينهم وأقنعهم أن يتركوا له فتح الصندوق، وتوزيع ما فيه عليهم بالتساوي أو كما أوصى والدهم، فوافق الجميع وأحضر الصديق الصندوق وجمعهم حوله وفتحه أمامهم، فوجدوا فيه ثلاثة قضبان مكتوب عليها ( حمار كل من يوزع أملاكه على أولاده في حياته، وقد تركت لكل زوجة من زوجات أولادي قضيباً تأخذه وتضرب به زوجها لأنه يستحق العقوبة على عقوقه لوالده) .
 

التفاحـات الأربع 

الراوية : نزهة الصوفي
كان يا ما كان في قديم الزمان كان هناك ملك وله ثلاثة أولاد، وكان في قصره حديقة، وفيها شجرة تفاح كبيرة تحمل في كل عام أربع تفاحات كبيرة وجميلة ونادرة، وكانت هذه التفاحات غالية على الملك يرعاها ويحرسها ويعتني بها كثيراً طوال العام.
في أحد الأيام فقد إحدى التفاحات الأربع فحزن عليها، ولم يعرف من الذي قطفها، فطلب من أولاده أن يعرفوا من الذي سرق التفاحة وإلا سيقطع رأسهم، فجلس الولد الكبير للحراسة لكنه بعد منتصف الليل نام، فجاء اللص وسرق تفاحة، وفي الليلة الثانية جلس الثاني للحراسة، ولكنه نام أيضاً بعد منتصف الليل وسرقت التفاحة الثالثة، فغضب الملك كثيراً وأمر ابنه الصغير علاء الدين أن يكتشف الحرامي، وإلا سيقطع رؤوسهم جميعاً.
تلك الليلة جلس علاء الدين للحراسة منتبهاً ومفتح العينين، وعند منتصف الليل وجد نفسه أنه سينام، فجاء بكيس من الجلد وملأه بالماء، وعلّقه على الشجرة فوق وجهه، وصار ينقط عليه كل دقيقة نقطة ماء، فبقي مستيقظاً وسيفه في حضنه، وبعد ساعة من الزمن رأى يداً تمتد نحو التفاحة، فهبّ مسرعاً وضربها بالسيف فقطع اليد، وهرب الحرامي فلحق آثار الدماء حتى وجدها تنتهي عند البئر، فجلس على فتحة البئر ينتظر حتى الصباح .
جاء الملك وأولاده في الصباح لتفقد التفاحة وعلاء الدين، فشاهدوا آثار الدماء فعرفوا أن علاء وجد الحرامي ولحق به، فطلب الملك من أولاده أن يتبعوا آثار الدماء، ففعلوا حتى وصلوا البئر، فشاهدوا علاء الدين جالساً هناك، فقص عليهم ما حدث معه فأتوا بحبل، وأدلوا الأخ الأكبر في البئر لكنه بدأ بالصراخ فسحبوه، فنزل الأوسط وأيضاً صرخ عليهم فسحبوه، فقال علاء: أنزلوني وإن سمعتم صراخي لا ترفعوني، فأنزلوه حتى وصل إلى قاع البئر، وكان الجو معتماً لا يرى فيه بصيص نور فخاف في البداية لكنه تشجع، وسار قليلاً يفتش في القاع فوجد طاقة يدخل منها الهواء البارد، فدخل فيها فوجد نفسه في برية واسعة، ورأى آثار الدماء فتتبعها فصادف في طريقه عنزتين تقتتلان، ففضّ بينهما وصالحهما، فشكرتاه وأعطيتاه قطعة من وبرهما، وقالتا له: إذا احتجت لأمر ما أحرقهما فنحضر إليك حالاً .
وسار في طريقه فصادف شجرة كبيرة، وعليها أفعى تسطو على عش صقر وتريد التهام فراخه، فضربها بالسيف فقطع رأسها فشكره الصقر، وأعطاه إحدى ريشه وطلب منه أن يحرقها إذا احتاج إليه. وتابع طريقه فأوصلته الدماء إلى قصر كبير فدخله، فوجد فيه ثلاث فتيات جميلات مثل الأقمار، فسلّم عليهن وسألهن عن حالهن. فقالوا له: إن العفريت خطفهم وسجنهم في القصر، وهو الذي سرق التفاحات، وقد جاء اليوم ويده مقطوعة والدماء تنزف منه، وهو نائم الآن وما عليك سوى أن تدخل وتضربه، وتقطع رأسه بضربة واحدة فقط فيموت في الحال.
دخل علاء الدين وقطع رأسه وأراح الناس من شره، وأحرق قطعة الوبر فحضرت العنزات في الحال، فركب عليهما مع الفتيات وحمل من القصر ما غلا ثمنه وخفّ حمله، وأوصلتاه إلى قاع البئر وتركتاه، فحرق الريشة فحضر الصقر وتعلّق به الواحد تلو الآخر، حتى أخرجهما ووضعهما عند فتحة البئر. فرح أخوته بعودته بالسلامة وعادوا جميعاً إلى القصر غانمين، ففرح الملك واحتفل بعودتهم سالمين غانمين، وزوج أولاده من الفتيات وعاشوا باللذة والنعيم وطيب الله عيش السامعين.    
 


المزيد من الحكايات الشعبية من التراث الحمصي:  http://www.syrianstory.com/amis-4-19.htm
الشكر موصول للكاتب : مصطفى محمد الصوفي صاحب المجموعة القصصية

مواضيع مرتبطة:

 .

No comments: