Thursday, December 27, 2012

تحية إلى كل امرأة مكافحة

تحية إلى كل امرأة مكافحة
أول امرأة مكافحة عرفتها و عرفت ما معنى أن تكون امرأة و أم ومربية و طباخة و مدبرة للمنزل و الحياة و عاملة و سند و معين لزوجها كانت جدتي "حياة" رحمها الله أذكر عندما كانت تساعد جدي في مخبزه الصغير لتحضير الحلويات الخفيفة (برازق، معمول بالعجوة، بيتي فور، سابليه ، كعك و غيرها) كانت تجلس ساعات طويلة فوق برميل صغير أعد لها، تعمل بصمت بتقطيع العجين ليقوم أخوالي باتمام العمل و الخبز (الخبيز) مع جدي
أذكر أنها بعد ذلك كانت تذهب لتتسوق مستلزمات الطعام و المؤونة السنوية أحيانا، ثم تعود لتعد الطعام و استقبال جدي، بعدها تجلس معه لمشاهدة التلفاز، وكنت استمتع حينها عندما أقرأ الترجمة لهما لتقوم جدتي بتفسير أحداث الفلم و الاستنتاجات عن بطل الفلم و عن حبيبته، و الممتع أكثر عندما تقوم بالشرح و التفسير بعدم وجود أحد لقراءة الترجمة نعم المرأة المعينة لزوجها كانت "حياة".

المرأة الثانية التي كنت أجلها و أقدرها لكفاحها كانت خالتي او خالة والدتي (أخت جدتي) الجميع يعرفها "أم عبودي" لقد رأيت كيف كانت هذه السيدة تقوم بمواصلة الليل و النهار لعمل أجمل بلوفرات التريكو بنقشات و رسومات بديعة ، وهي التي لا تقرأ و لا تكتب كانت تذهل زبائنها الذين يصبحون أصدقاء لها أكثر من كونهم زبائن ، لطيبتها و دماثة أخلاقها ،و حبها للخير، و مساعدتها للكبير و الصغير، الجميع يحب زيارتها و يأنس بالجلوس معها و الاستماع لأحاديثها و هي مرابطة مجاهدة خلف ماكينة التريكو الخاصة بها نعم المرأة المثابرة المكافحة كانت "أم عبودي"

المرأة الثالثة و كانت الأعظم فيهم فهي أمي يكفي أنها امي، عدا عن كونها امرأة صابرة مثابرة مكافحة طورت نفسها و تعلمت معنا، رغم أنها ربة منزل إلا أن إنجازها و عملها يضاهي عمل الكثيرين من مصممي الأزياء (كانت تعين والدي على تكاليف الحياة) كانت سيدة مدبرة مديرة ناجحة لمملكتها الصغيرة مربية ناجحة لأولادها، كانت أمي تخيط أبدع القطع و الملابس لنا و لإخوتي و لنفسها و لمن يقصدها مستعينة بمجلات أجنبية (بوردا الألمانية) و هي بالكاد تقرأ، إلا أنها بذكاءها و بما أخذته عن جدتي وخالتها استطاعت ان تطور وتصنع ما يعجز عنه الكثيرون و أن تطور و تضيف عليه و تعدل به مستعينة بذوقها و لمساتها الخاصة، هذا عدا عن قيامها بكل ما يلزم لنا و السهر على احتياجتنا جميعا. نعم المرأة الصالحة المثابرة الصابرة كانت أمي.

تحية لكم لكفاحكم و صبركم و مثابرتكم، نشهد أنكم من العظماء الذين أثروا فينا، رحمكم الله جميعا نشتاق لكم و نذكركم و لئن فارقتمونا عن الدنيا فهذه سنة الكون إلا أن ذكراكم حية في قلوبنا ووجداننا

نحبكم و نسأل الله أن يغفر لكم و يرحمكم و أن يدخلكم الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب


أبو نزار